الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى
.(فَرْعٌ): [متى تَجِبُ الْكَفَّارَةُ]: وَالثَّانِي: (مَا عَقَدَهُ) الْإِنْسَانُ (لِلَّهِ مِنْ نَذْرٍ أَوْ بِاَللَّهِ مِنْ يَمِينٍ، أَوْ حَرَّمَهُ ثُمَّ أَرَادَ حِلَّهُ فَ) حِلُّهُ (بِالْكَفَّارَةِ وَسَمَّاهَا اللَّهَ تَحِلَّةً) فِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}. (وَ) الثَّالِثُ: (مَا لَا إثْمَ فِيهِ كَكَفَّارَةِ قَتْلِ الْخَطَأِ وَالصَّيْدِ خَطَأً، فَالْكَفَّارَةُ هُنَا جَابِرَةٌ لِمَا فَاتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) هُنَاكَ (إثْمٌ فَكَفَّارَتُهُ)، أَيْ: هَذَا الْقَسَمِ (مِنْ بَابِ الْجَوَابِرِ، وَكَفَّارَةُ) الْقَسَمِ (الْأَوَّلِ مِنْ بَابِ الزَّوَاجِرِ، وَكَفَّارَةُ) الْقَسَمِ (الْوَسَطِ مِنْ بَابِ التَّحِلَّةِ). .بَابُ جَامِعِ الْأَيْمَانِ: (وَ) إنْ حَلَفَ عَلَى امْرَأَتِهِ (لَا يَأْوِي مَعَهَا بِدَارِ فُلَانٍ يَنْوِي جَفَاءَهَا، وَلَا سَبَبَ) يَخُصُّ الدَّارَ (فَأَوَى مَعَهَا فِي غَيْرِهَا)، أَيْ: غَيْرِ الَّتِي سَمَّاهَا (حَنِثَ) لِمُخَالِفَتِهِ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ مِنْ جَفَائِهَا إلْغَاءً لِذِكْرِ الدَّارِ مَعَ عَدَمِ السَّبَبِ، لِدَلَالَةِ نِيَّةِ الْجَفَاءِ عَلَيْهِ، كَأَنْ حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَهَا، كَقَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ: وَاقَعْتُ أَهْلِي فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «أَعْتِقْ رَقَبَةً» فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ ذِكْرُ أَهْلِهِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ حُذِفَ مِنْ السَّبَبِ، وَجُعِلَ السَّبَبُ الْوِقَاعُ سَوَاءٌ كَانَ لِأَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ، فَإِنْ كَانَ لِلدَّارِ أَثَرٌ فِي يَمِينِهِ كَكَرَاهَةِ سُكْنَاهَا أَوْ مُخَاصِمَتِهِ أَهْلَهَا، أَوْ اُمْتُنَّ عَلَيْهِ بِهَا، لَمْ يَحْنَثْ إنْ أَوَى مَعَهَا فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَدِمَ السَّبَبَ وَالنِّيَّةَ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْإِيوَاءِ مَعَهَا فِي تِلْكَ الدَّارِ بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ مُقْتَضٍ وَلَا صَارِفَ لَهُ عَنْهُ. (وَأَقَلُّ الْإِيوَاءِ سَاعَةً وَإِنْ قَلَّتْ) كَلَحْظَةٍ، فَمَتَى حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَهَا فِي دَارٍ، فَدَخَلَهَا مَعَهَا حَنِثَ، قَلِيلًا كَانَ لُبْثُهُمَا أَوْ كَثِيرًا. قَالَ- تَعَالَى- مُخْبِرًا عَنْ فَتَى مُوسَى: {أَرَأَيْتَ إذْ أَوَيْنَا إلَى الصَّخْرَةِ} يُقَالُ أَوَيْتُ أَنَا وَآوَيْتُ غَيْرِي، قَالَ- تَعَالَى- {إذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إلَى الْكَهْفِ}، وَقَالَ: «وَآوَيْنَاهُمَا إلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ». (وَمَنْ أَرَادَ بِلَفْظِهِ الْخَاصِّ الْعَامَّ) كَحَالِفٍ لَا يَشْرَبُ لِفُلَانٍ مَاءً، يُرِيدُ قَطْعُ مِنَّتِهِ، أَوْ كَانَ السَّبَبُ قَطْعَ الْمِنَّةِ (عُمِلَ بِهِ، فَيَحْنَثُ بِكُلِّ مَا لَهُ فِيهِ مِنَّةٌ كَهَدِيَّةٍ وَاسْتِعَارَةِ) دَابَّةٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى بِيَمِينِهِ مَا يَحْمِلُهُ، وَيُسَوَّغُ فِي اللُّغَةِ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْهُ، فَتَنْصَرِفُ يَمِينُهُ إلَيْهِ كَالْمَعَارِيضِ، قَالَ- تَعَالَى-: {مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ}، {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} {فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} وَالْقِطْمِيرُ لِفَافَةُ النَّوَاةِ، وَالْفَتِيلُ مَا فِي شِقِّهَا، وَالنَّقِيرُ النَّقْرَةُ الَّتِي فِي ظَهْرِهَا، وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ، بَلْ نَفَى كُلَّ شَيْءٍ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ: وَلَا يَظْلِمُوا النَّاسَ حَبَّةَ خَرْدَلٍ، أَيْ: لَا يَظْلِمُونَهُمْ شَيْئًا. (وَيَجُوزُ التَّعْرِيضُ فِي مُخَاطَبَةٍ لِغَيْرِ عَالِمٍ وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ. وَالتَّعْرِيضُ هُوَ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ) كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ لِمَ فَعَلْتَ (كـَ) ذَا؟ فَقَالَ: (هَذَا مَا فَعَلْتُهُ وَيَنْوِي بِمَا الَّذِي) وَكَذَا لَوْ سُئِلَ عَنْ شَخْصٍ فَقَالَ: مَا هُوَ هُنَا مُشِيرًا إلَى نَحْوِ كَفِّهِ. .فَصْلٌ: [متى يُرْجَعُ إلَى سَبَبِ الْيَمِينِ]: (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَأَقْضِيَنه) حَقَّهُ غَدًا (أَوْ لَأَقْضِيَنه غَدًا، وَقَصَدَ مَطْلَهُ فَقَضَاهُ قَبْلَهُ، حَنِثَ) لِفِعْلِهِ خِلَافَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ لَفْظًا وَنِيَّةً. (وَ) مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ (لَا يَبِيعُهُ إلَّا بِمِائَةٍ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا إنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ) مِنْهَا فَ (لَا) يَحْنَثُ إنْ لَمْ يَبِعْهُ أَوْ بَاعَهُ بِمِائَةٍ (أَوْ بِأَكْثَرَ) مِنْهَا، لِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ (وَ) لَوْ حَلَفَ (لَا يَبِيعُهُ بِهَا) أَيْ: الْمِائَةِ (حَنِثَ) بِبَيْعِهِ (بِهَا)، أَيْ: الْمِائَةِ (وَبِأَقَلَّ) مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فِي هَذَا، بِدَلِيلِ مَا لَوْ كَانَ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ بِمِائَةٍ فَبَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ بَيِّنَةٌ عَلَى امْتِنَاعِهِ مِنْ بَيْعِهِ بِدُونِ الْمِائَةِ، وَإِنْ قَالَ أَخَذْتُهُ بِالْمِائَةِ، لَكِنْ هَبْ لِي كَذَا، فَقَالَ أَحْمَدُ: هَذَا حِيلَةٌ، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ أَبِيعُكَ بِكَذَا وَهَبْ لِفُلَانٍ شَيْئًا، قَالَ: هَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَكَرِهَهُ. وَلَوْ حَلَفَ لَا اشْتَرَيْتُهُ بِمِائَةٍ، فَاشْتَرَاهُ بِهَا أَوْ بِأَكْثَرَ حَنِثَ (لَا) بِأَقَلَّ. (وَمَنْ دُعِيَ لِغَدَاءٍ فَحَلَفَ لَا يَتَغَدَّى، لَمْ يَحْنَثْ) إنْ تَغَدَّى (بِغَدَاءٍ غَيْرِهِ مَعَ سَبَبٍ) أَوْ قَصْدٍ (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَشْرَبُ لَهُ)، أَيْ: لِفُلَانٍ الْمَاءَ مِنْ عَطَشٍ، (وَنِيَّتُهُ أَوْ السَّبَبُ قَطْعُ مِنَّتِهِ، حَنِثَ بِأَكْلِ خُبْزِهِ وَاسْتِعَارَةِ دَابَّتِهِ وَكُلِّ مَا فِيهِ مِنَّةٌ)؛ لِأَنَّهُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ، وَ(لَا) يَحْنَثُ (بِأَقَلَّ) مِنْهُ (كَقُعُودِهِ فِي ضَوْءِ نَارِهِ) وَظِلِّ حَائِطِهِ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ وَلَا نِيَّتُهُ (وَ) إنْ حَلَفَ عَلَى نَحْوِ امْرَأَتِهِ (لَا تَخْرُجُ لِتَهْنِئَةٍ وَلَا تَعْزِيَةٍ، وَنِيَّتُهُ بِيَمِينِهِ قَطْعًا لِخُرُوجِهَا، فَخَرَجَتْ لِغَيْرِهِمَا) حَنِثَ لِلْمُخَالِفِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا قَطْعًا لِلْمِنَّةِ الْحَاصِلَةِ مِنْهُ)، أَيْ الثَّوْبِ (فَبَاعَهُ، وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ ثَوْبًا) وَلَبِسَهُ (أَوْ انْتَفَعَ بِهِ)، أَيْ: بِثَمَنِهِ (حَنِثَ)؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ انْتِفَاعٍ تَلْحَقُ فِيهِ الْمِنَّةُ، وَكَذَا لَوْ امْتَنَّ عَلَيْهِ بِثَوْبٍ فَحَلَفَ لَا يَلْبَسُهُ قَطْعًا لِمِنَّةٍ بِهِ، وَلَوْ قَطَعَهُ، وَانْتَفَعَ بِهِ بِغَيْرِ اللُّبْسِ، حَنِثَ، وَ(لَا) حِنْثَ (إنْ انْتَفَعَ) مِنْ مَالِهَا (بِغَيْرِ الْغَزْلِ) وَثَمَنِهِ؛ لِأَنَّهُ يَمِينُهُ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ (لَا إنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ قَطْعًا لِلْمِنَّةِ، فَانْتَفَعَ بِهِ هُوَ)، أَيْ: الْحَالِفُ، (أَوْ) انْتَفَعَ بِهِ (أَحَدٌ مِمَّنْ هُوَ فِي كَنَفِهِ)، أَيْ: حِيَازَتِهِ وَتَحْتَ نَفَقَتِهِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ وَلَدٍ صَغِيرٍ (حَنِثَ)؛ لِأَنَّهُمْ فِي حُكْمِهِ. (وَ) إنْ حَلَفَ عَلَى امْرَأَتِهِ (لَا يَأْوِي مَعَهَا فِي هَذَا الْعِيدِ، حَنِثَ بِدُخُولِهِ مَعَهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ لَا بِدُخُولِهِ بَعْدَهَا) لِانْقِضَائِهِ بِصَلَاتِهِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إذَا رَأَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ أَنْ يُكَبِّرُوا حَتَّى يَفْرُغُوا مِنْ عِيدِهِمْ، أَيْ: مِنْ صَلَاتِهِمْ (وَإِنْ قَالَ) وَاَللَّهِ لَا أَوَيْتُ مَعَهَا (أَيَّامَ الْعِيدِ، أُخِذَ) الْحَالِفُ بِالْعُرْفِ فَيَحْنَثُ بِدُخُولِهِ مَعَهَا فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْعِيدِ عُرْفًا فِي كُلِّ بَلَدٍ بِحَسَبِهِ، لَا بَعْدَ ذَلِكَ (وَ) وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ (لَا عُدْت رَأَيْتُكِ تَدْخُلِينَهَا)، أَيْ: دَارَ كَذَا (وَالسَّبَبُ) الْمُقْتَضِي لِحَلِفِهِ (مَنْعُهَا) مِنْ دُخُولِهَا (فَدَخَلَتْ: حَنِثَ وَلَوْ لَمْ يَرَهَا) دَاخَلَتْهَا إلْغَاءً لِقَوْلِهِ رَأَيْتُكِ، لِمَا تَقَدَّمَ. (وَ) إنْ قَالَ لَهَا وَاَللَّهِ (لَا تَرَكْت هَذَا) الصَّبِيَّ وَنَحْوَهُ (يَخْرُجُ، فَأَفْلَتَ، أَوْ قَامَتْ تُصَلِّي) فَخَرَجَ (أَوْ) قَامَتْ (لِحَاجَةٍ، فَخَرَجَ وَنِيَّتُهُ أَوْ السَّبَبُ أَنْ لَا يَخْرُجَ أَصْلًا، حَنِثَ) بِخُرُوجِهِ إلْغَاءً لِقَوْلِهِ تَرَكْتِ، لِمَا تَقَدَّمَ. (وَإِنْ نَوَى أَنْ لَا تَدَعَهُ يَخْرُجُ، فَلَا) حِنْثَ عَلَيْهِ، لِعَدَمِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (إلَّا إنْ خَرَجَ بِفِعْلِهَا أَوْ تَفْرِيطِهَا) فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِتَرْكِهَا لَهُ وَعَدَمِ مُبَالَاتِهَا بِخُرُوجِهِ. (وَإِنْ) جُنَّ الْحَالِفُ أَوْ مَاتَ وَ(لَمْ تُعْلَمْ نِيَّتُهُ، انْصَرَفَتْ يَمِينُهُ إلَى فِعْلِهَا)، أَيْ: الزَّوْجَةِ دُونَ تَفْرِيطِهَا، وَإِنْ عُدِمَتْ بِهِ النِّيَّةُ وَالسَّبَبُ، فَلَا حِنْثَ. .فَصْلٌ: [الْعِبْرَةُ فِي الْيَمِينِ بِخُصُوصِ السَّبَبِ]: قَالَ فِي الْإِنْصَافِ قُلْتُ وَهُوَ أَوْلَى، (كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَالِفُ بِمُنْكَرٍ إلَّا بَعْدَ عِلْمِ وَالٍ بِهِ) سَوَاءٌ عَيَّنَهُ فِي حَلِفِهِ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ، أَوْ (كَمَا لَوْ رَآهُ) الْحَالِفُ (مَعَهُ)، أَيْ: مَعَ الْوَالِي (فَيَفُوتُ الْبِرُّ، وَلَا حِنْثَ)؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ مَعْذُورٌ، لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الرَّفْعِ كَالْمُكْرَهِ (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْحَالِفُ الْوَالِيَ إذَنْ)، أَيْ: وَقْتَ الْحَلِفِ بِأَنْ حَلَفَ لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ لِذِي الْوِلَايَةِ (لَمْ يَتَعَيَّنْ) مَنْ كَانَ وَالِيًا حَالَ الْحَلِفِ، لِانْصِرَافِهِ إلَى الْجِنْسِ، فَإِنْ عُزِلَ أَوْ مَاتَ بَرَّ الْحَالِفُ بِرَفْعِهِ لِمَنْ يَلِي بَعْدَهُ، وَإِنْ حَلَفَ (لِلِّصٍّ لَا يُخْبِرُ بِهِ، أَوْ يَغْمِزُ عَلَيْهِ فَسُئِلَ عَمَّنْ هُوَ مَعَهُمْ فَبَرَّأَهُمْ دُونَهُ لِيُنَبِّهَ عَلَيْهِ حَنِثَ) لِقِيَامِ ذَلِكَ مَقَامَ الْإِخْبَارِ بِهِ أَوْ الْغَمْزِ عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يَنْوِ حَقِيقَةَ النُّطْقِ أَوْ الْغَمْزِ فَإِنْ نَوَاهَا فَلَا حِنْثَ بِذَلِكَ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ. (وَمَنْ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ يَبَرُّ بِعَقْدِ) نِكَاحٍ (صَحِيحٍ) لَا فَاسِدٍ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَحِلُّ بِهِ، فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ (وَإِنْ حَلَفَ لِيَتَزَوَّجَنَّ عَلَيْهَا)، أَيْ: عَلَى زَوْجَتِهِ (وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ) هَيَّجَ يَمِينَهُ (يَبِرُّ بِدُخُولِهِ بِزَوْجَةٍ نَظِيرَتِهَا) نَصًّا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ يَمِينِهِ قَصْدُ إغَارَتِهَا بِذَلِكَ وَغَيْظِهَا وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهَا فِي حُقُوقِهَا مِنْ قَسْمٍ وَغَيْرِهِ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ مَنْ يُسَاوِيهَا فِي حُكْمِ الْقَسْمِ وَالنَّفَقَةِ، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ إلَّا بِالدُّخُولِ، فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْيَمِينِ بِدُونِهِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ، (أَوْ) بِدُخُولِهِ (بِمَنْ تَغُمُّهَا أَوْ تَتَأَذَّى بِهَا) كَأَعْلَى مِنْهَا. (وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ يَبَرُّ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ (وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا)؛ لِأَنَّ الْإِغَارَةَ وَالْغَيْظَ يَحْصُلَانِ بِمُجَرَّدِ الْخِطْبَةِ، وَإِنْ حَصَلَ بِمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ زِيَادَةٌ فِي الْغَيْظِ فَلَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْغَيْظِ الَّذِي يَحْصُلُ بِمَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نِكَاحُ اثْنَتَيْنِ وَلَا ثَلَاثٍ وَلَا أَعْلَى مِنْ نَظِيرَتِهَا، وَاَلَّذِي تَنَاوَلَتْهُ يَمِينُهُ مُجَرَّدَ التَّزْوِيجِ، وَلِذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَى امْرَأَتِهِ- حَنِثَ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، فَكَذَلِكَ يَحْصُلُ الْبِرُّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى وَاحِدٌ فَمَا تَنَاوَلَهُ النَّفْيُ تَنَاوَلَهُ الْإِثْبَاتُ (خِلَافًا لَهُمَا)، أَيْ: الْإِقْنَاعِ وَالْمُنْتَهَى فِي جَعْلِهِمَا مَنْ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَى امْرَأَتِهِ لَا يَبَرُّ إلَّا بِدُخُولِهِ بِنَظِيرَتِهَا أَوْ بِمَنْ تَغُمُّهَا أَوْ تَتَأَذَّى مِنْهَا انْتَهَيَا بِالْمَعْنَى (إلَّا إنْ كَانَ مَا) أَنْشَأَهُ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (عَقْدَ حِيلَةٍ) عَلَى حِلِّ يَمِينِهِ (لِيَتَخَلَّصَ) مِنْهَا مِثْلُ أَنْ يُوَاطِئَ امْرَأَتَهُ عَلَى نِكَاحٍ لَا يَغِيظُهَا بِهِ لِتَبَرَّ يَمِينُهُ (فَلَا يَبَرُّ إلَّا بِدُخُولٍ)؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا جَعَلَهُ حِيلَةً، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يَبَرُّ فِي عَقْدِ الْحِيلَةِ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَالْبَيَانِ، أَفَادَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ فَإِنْ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَتَزَوَّجَ بِعَجُوزٍ زِنْجِيَّةٍ، لَمْ يَبَرَّ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُغِيرَهَا وَيَغُمَّهَا، وَبِهَذَا لَا تَغَارُ وَلَا تَغْتَمُّ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ تَزْوِيجَ الْعَجُوزِ يَغِيظُهَا وَالزِّنْجِيَّةِ، لَبَرَّ بِهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَغِيظُهَا؛ لِأَنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ حِيلَةً، لِئَلَّا يَغِيظَهَا، أَفَادَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. (وَإِنْ حَلَفَ) لِامْرَأَتِهِ (لَيُطَلِّقَنَّ ضَرَّتَهَا وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ فَطَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا، بَرَّ)؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ، فَإِنْ كَانَ نِيَّةٌ أَوْ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي الْإِبَانَةَ، فَلَا يَبَرُّ إلَّا بِهَا (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يُكَلِّمُهَا هَجْرًا، فَوَطِئَهَا حَنِثَ) لِزَوَالِ الْهَجْرِ بِهِ وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ وَيَزُولُ أَيْضًا بِالسَّلَامِ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ تَمْرًا لِحَلَاوَتِهِ حَنِثَ بِكُلِّ حُلْوٍ بِخِلَافِ أَعْتَقْتُهُ) لِأَنَّهُ أَسْوَدُ أَوْ لِسَوَادِهِ فَيُعْتَقُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ وَهِيَ السَّوَادُ لَا تَطَّرِدُ فِي كُلِّ مَنْ يُعْتَقْ فَقَدْ يَكُونُ الْعَتِيقُ أَبْيَضَ، بِخِلَافِ الْعِلَّةِ فِي التَّمْرِ وَهِيَ الْحَلَاوَةُ، لِاطِّرَادِهَا فِي كُلِّ حُلْوٍ يُؤْكَلُ، وَقَالَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ: لِأَنَّ عِلَّتَهُ يَجُوزُ أَنْ تُنْتَقَضَ. وَقَوْلُهُ لَا يَطَّرِدُ (أَوْ) بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِوَكِيلِهِ (اعْتِقْهُ)، أَيْ: عَبْدِي فُلَانًا (لِأَنَّهُ أَسْوَدُ أَوْ لِسَوَادِهِ، فَلَا يَتَجَاوَزُهُ) بِالْعِتْقِ لِجَوَازِ الْمُنَاقَضَةِ عَلَيْهِ وَالْبَدْءِ (وَ) إنْ قَالَ لِشَخْصٍ (إذَا أَمَرْتُك بِشَيْءٍ لِعِلَّةٍ فَقِسْ عَلَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ مَالِي وَجَدْتُ فِيهِ تِلْكَ الْعِلَّةَ، ثُمَّ قَالَ اعْتِقْ عَبْدِي فُلَانًا؛ لِأَنَّهُ أَسْوَدُ، صَحَّ أَنْ يَعْتِقَ كُلَّ عَبْدٍ لَهُ أَسْوَدَ) وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ صَاحِبِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ تَعَبَّدَنَا بِالْقِيَاسِ. وَقَالَ فِي الْعُدَّةِ وَإِنَّ الْمُخَالِفَ احْتَجَّ بِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَا تَسْتَعْمِلُ الْقِيَاسَ، فَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: اشْتَرِ لِي سَكَنْجَبِينًا، فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِلصَّفْرَاءِ، لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ رُمَّانًا وَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ وَالْجَوَابُ أَنَّ السَّكَنْجَبِينَ يَخْتَصُّ بِمَعَانٍ لَا تُوجَدُ فِي الرُّمَّانِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهُ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَا يُوجِبُ الْقَوْلَ بِالْقِيَاسِ، فَإِنَّ اثْنَيْنِ لَوْ ضَرَبَا أُمَّهُمَا، فَضَرَبَ الْأَبُ أَحَدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ ضَرَبَ أُمَّهُ، صَلُحَ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْآخَرَ ضَرَبَهَا فَلِمَ لَا تَضْرِبْهُ؟ (وَ) كَذَلِكَ (لَوْ قَالَ: لَا تُعْطِ فُلَانًا إبْرَةً يُرِيدُ عَدَمَ تَعَدِّيهِ بِهَا فَأَعْطَاهُ سِكِّينَةً، حَنِثَ)؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى مَنَعَهُ مِنْ إعْطَائِهِ مَا يَتَعَدَّى بِهِ، وَقَدْ وُجِدَ بِإِعْطَاءِ السِّكِّينِ، عَلَى أَنَّا نَقُولُ بِالْقِيَاسِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي دَلَّ الشَّرْعُ عَلَيْهِ وَكَلَّفَنَا إيَّاهُ، وَفِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ لَمْ يَدُلَّ الشَّرْعُ عَلَيْهِ فَلَمْ يُصْلَحْ الْقَوْلُ بِهِ. فَقَدْ أَجَابَ الْقَاضِي بِوَجْهَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كَاخْتِيَارِ أَبِي الْخَطَّابِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ قِسْ عَلَيْهِ كُلَّ مَا صَلُحَ لِلصَّفْرَاءِ، جَازَ، وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْتِقْ غَيْرَ مَا أَعْتَقَهُ مَعَ أَنَّهُ أَسْوَدُ، أَنَّ لِكُلِّ عَاقِلٍ مُنَاقَضَتُهُ وَيَقُولُ لَهُ لِمَ لَا تَعْتِقْ غَيْرَهُ مِنْ السُّودِ؟ وَكَذَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ قِيسُوا كَلَامِي بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَكَلْتُ السُّكَّرَ؛ لِأَنَّهُ حُلْوٌ شَرَكَ فِيهِ كُلَّ حُلْوٍ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا لِشُرْبِهِ الْخَمْرَ، فَكَلَّمَهُ، وَقَدْ تَرَكَهُ)، أَيْ: شُرْبَ الْخَمْرِ (لَمْ يَحْنَثْ) لِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا دَامَ يَشْرَبُهَا، وَقَدْ انْقَطَعَ ذَلِكَ (وَلَا يُقْبَلُ تَعْلِيلٌ بِكَذِبٍ)؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ (فَمَنْ قَالَ لِقِنِّهِ وَهُوَ) أَيْ: قِنُّهُ (أَكْبَرُ مِنْهُ أَنْتَ حُرٌّ؛ لِأَنَّك ابْنِي وَنَحْوُهُ) كَكَوْنِهِ أَصْغَرَ مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ؛ لِأَنَّكَ أَبِي (أَوْ) قَالَ (لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ أَصْغَرُ مِنْهُ أَنْتِ طَالِقٌ؛ لِأَنَّكِ جَدَّتِي، وَقَعَا)، أَيْ: وَقَعَ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ، لِصُدُورِهِمَا مِنْ أَهْلِهِمَا فِي مَحَلِّهِمَا. .فَصْلٌ: [مَنْ عَدِمَ السَّبَبَ وَالنِّيَّةَ]: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اخْتَارَهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ أَصَحُّ. (أَوْ) (حَلَفَ لَا لَبِسْت هَذَا الْقَمِيصَ فَلَبِسَهُ وَهُوَ رِدَاءٌ أَوْ) لَبِسَهُ وَهُوَ (عِمَامَةٌ أَوْ) وَهُوَ (سَرَاوِيلُ) حَنِثَ (أَوْ) حَلَفَ (لَا كَلَّمْت هَذَا الصَّبِيَّ فَصَارَ شَيْخًا) (أَوْ) حَلَفَ لَا كَلَّمْت (امْرَأَةَ فُلَانٍ هَذِهِ أَوْ) حَلَفَ (لَا كَلَّمْت عَبْدَهُ) أَيْ: عَبْدَ فُلَانٍ هَذَا (أَوْ) حَلَفَ (لَا كَلَّمْت صَدِيقَهُ هَذَا فَزَالَ ذَلِكَ) بِأَنْ بَانَتْ الزَّوْجَةُ وَزَالَ مِلْكُهُ لِلْعَبْدِ وَصَدَاقَتُهُ لِلْمُعَيَّنِ (ثُمَّ كَلَّمَهُمْ) حَنِثَ (أَوْ) حَلَفَ (لَا أَكَلْتُ لَحْمَ هَذَا الْحَمَلِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ، وَهُوَ الصَّغِيرُ مِنْ أَوْلَادِ الضَّأْنِ (فَصَارَ كَبْشًا أَوْ) حَلَفَ لَا أَكَلْتُ (هَذَا الرُّطَبَ، فَصَارَ تَمْرًا أَوْ صَارَ دِبْسًا أَوْ خَلًّا، أَوْ) حَلَفَ (لَا أَكَلْتُ هَذَا اللَّبَنَ فَصَارَ جُبْنًا وَنَحْوَهُ) بِأَنْ صَارَ أَقِطًا (ثُمَّ أَكَلَهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ وَلَا سَبَبَ- حَنِثَ) لِبَقَاءِ عَيْنِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، كَحَلِفِهِ لَا لَبِسْت هَذَا الْغَزْلَ فَصَارَ ثَوْبًا وَ(كَقَوْلِهِ) لَا أَكَلْتُ (هَذَا التَّمْرَ الْحَدِيثَ فَعَتَقَ أَوْ) لَا كَلَّمْتُ هَذَا (الرَّجُلَ الصَّحِيحَ فَمَرِضَ، وَكَالسَّفِينَةِ) إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا (فَتُنْقَضُ ثُمَّ تُعَادُ وَيَدْخُلُهَا، وَكَالْبَيْضَةِ) إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهَا (فَتَصِيرُ فَرْخًا) فَيَأْكُلُهُ، فَيَحْنَثُ فِي الْجَمِيعِ، لِقُوَّةِ التَّعْيِينِ. وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا كَلَّمْت صَاحِبَ هَذَا الطَّيْلَسَانِ فَكَلَّمَهُ بَعْدَ بَيْعِهِ (فَلَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ مِنْ هَذِهِ الْبَيْضَةِ أَوْ التُّفَّاحَةِ، فَعَمِلَ مِنْهَا)، أَيْ: التُّفَّاحَةِ (شَرَابًا، أَوْ) عَمِلَ مِنْ الْبَيْضَةِ (نَاطِفًا فَأَكَلَهُ، بَرَّ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ التَّعْيِينَ أَبْلَغُ مِنْ دَلَالَةِ الِاسْمِ عَلَى الْمُسَمَّى (وَكَهَاتَيْنِ) أَيْ الْبَيْضَةِ وَالتُّفَّاحَةِ وَ(نَحْوِهِمَا). تَتِمَّةٌ: إذَا نَوَى بِيَمِينِهِ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ مَا دَامَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ وَالْإِضَافَةِ أَوْ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، أَوْ كَانَ السَّبَبُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ النِّيَّةِ وَالسَّبَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّعْيِينِ. .فَصْلٌ: [مَنْ عَدِمَ السَّبَبَ وَالنِّيَّةَ وَالتَّعْيِينَ]: (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَصُومُ) حَنِثَ (بِشُرُوعٍ صَحِيحٍ) فِي الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى صَائِمًا بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَلَوْ نَفْلًا بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ حَيْثُ لَمْ يَأْتِ بِمُنَافٍ لِلصَّوْمِ. (وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ قَوِيٍّ) أَنَّهُ يَحْنَثُ (إنْ تَمَّ) صَوْمُهُ (صَحِيحًا) لِإِتْيَانِهِ بِمَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ (كَامِلًا، فَإِذَا صَامَ يَوْمًا كَامِلًا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ حَنِثَ مُنْذُ شَرَعَ، فَلَوْ كَانَ حَلَفَ وَوَلَدَتْ بَعْدَهُ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا. وَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ، وَمَاتَتْ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَرِثْهَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ). فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ حَالَ حَلِفِهِ لَا يَفْعَلَنَّ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ مُتَلَبِّسًا بِهِ فَاسْتَدَامَهُ حَنِثَ بِالِاسْتِدَامَةِ كَمَا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ بَعْدَهُ، خِلَافًا لِلْإِقْنَاعِ هُنَا. (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يُصَلِّي حَنِثَ بِالتَّكْبِيرِ)، أَيْ: تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (وَلَوْ عَلَى جِنَازَةٍ) لِدُخُولِهَا فِي عُمُومِ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ الطَّوَافِ. وَ(لَا) يَحْنَثُ (مَنْ حَلَفَ لَا يَصُومُ صَوْمًا حَتَّى يَصُومَ يَوْمًا، أَوْ) حَلَفَ (لَا يُصَلِّي صَلَاةً حَتَّى يَفْرَغَ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُهَا)، أَيْ: الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ صَوْمًا أَوْ صَلَاةً اُعْتُبِرَ فِعْلُ صَوْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ صَلَاةٍ كَذَلِكَ، وَأَقَلُّهُمَا مَا ذُكِرَ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَصُومَنَّ أَوْ لِيُصَلِّيَن فَلَا يَبَرُّ إلَّا بِصَوْمِ يَوْمٍ (أَوْ) صَلَاةِ رَكْعَةٍ. وَمَنْ (حَلَفَ لَيَبِيعَنَّ كَذَا، فَبَاعَهُ بِعَرَضٍ أَوْ نَسِيئَةً بَرَّ)؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ. (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَهَبُ أَوْ) حَلَفَ (لَا يُهْدِي، أَوْ حَلَفَ لَا يُوصِي أَوْ لَا يَتَصَدَّقُ، أَوْ لَا يُعِيرُ حَنِثَ بِفِعْلِهِ)، أَيْ: إيجَابِهِ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا عِوَضَ فِيهَا، فَسَمَّاهَا الْإِيجَابَ فَقَطْ، وَأَمَّا الْقَبُولُ فَشَرْطٌ لِنَقْلِ الْمِلْكِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ السَّبَبِ، وَيَشْهَدُ لِلْوَصِيَّةِ قَوْله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} الْآيَةَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُرِيدُ الْإِيجَابَ دُونَ الْقَبُولِ، وَالْهِبَةُ وَنَحْوُهَا فِي مَعْنَاهَا بِجَامِعِ عَدَمِ الْعِوَضِ. وَ(لَا) يَحْنَثُ (إنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ فُلَانًا أَوْ لَا يُؤَجِّرُ أَوْ لَا يُزَوِّجُ فُلَانًا حَتَّى يَقْبَلَ) فُلَانٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بَيْعًا وَلَا إجَارَةً وَلَا تَزْوِيجًا إلَّا بَعْدَ الْقَبُولِ. (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَهَبُ زَيْدًا شَيْئًا، فَأَهْدَى إلَيْهِ) شَيْئًا (أَوْ بَاعَهُ) شَيْئًا (أَوْ حَابَاهُ) فِيهِ (أَوْ وَقَفَ) عَلَيْهِ (أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ صَدَقَةَ تَطَوُّعٍ- حَنِثَ)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْهِبَةِ. وَ(لَا) يَحْنَثُ (إنْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ) الَّتِي تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ (وَاجِبَةً) كَالزَّكَاةِ (أَوْ كَانَتْ مِنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ ضَيَّفَهُ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ) مِنْ ضِيَافَةٍ، فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يُسَمَّى هِبَةً (أَوْ أَبْرَأَهُ) مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَمْلِيكُ عَيْنٍ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا دَيْنٌ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ. (وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ قَوِيٍّ وَلَوْ) كَانَ إبْرَاؤُهُ مِنْ زَيْدٍ مِنْ دَيْنٍ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ (بِلَفْظِ هِبَةٍ)؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ إبْرَاءٌ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (أَوْ أَعَارَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ) فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ إبَاحَةٌ لَا تَمْلِيكٌ، وَالْوَصِيَّةُ تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْهِبَةُ تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ، فَهُمَا غَيْرَانِ (أَوْ حَلَفَ لَا يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَوَهَبَهُ) فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ نَوْعٌ خَاصٌّ مِنْ الْهِبَةِ، وَلَا يَحْنَثُ حَالِفٌ عَلَى نَوْعٍ بِفِعْلِ نَوْعٍ آخَرَ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمُ الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ، (أَوْ) حَلَفَ (لَا أَتَصَدَّقُ فَأَطْعَمَ عِيَالَهٌ)؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى صَدَقَةً عُرْفًا، وَإِطْلَاقُ اسْمِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ فِي الْخَبَرِ بِاعْتِبَارِ تَرَتُّبِ الثَّوَابِ عَلَيْهِ كَالصَّدَقَةِ. (وَإِنْ نَذَرَ) أَنْ يَهَبَ لِفُلَانٍ شَيْئًا (أَوْ حَلَفَ أَنْ يَهَبَ لَهُ) شَيْئًا (بَرَّ بِالْإِيجَابِ) لِلْهِبَةِ، سَوَاءٌ قَبْلَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ لَا. .فَصْلٌ: [الِاسْمُ الْعُرْفِيُّ]: قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ الْمِثَالُ الثَّانِي مِمَّا تَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَتْوَى لِتَغَيُّرِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ مُوجِبَاتُ الْأَيْمَانِ وَالْإِقْرَارُ وَالنُّذُورُ وَغَيْرُهَا، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحَالِفَ إذَا حَلَفَ لَا رَكِبْت دَابَّةً وَكَانَ فِي بَلَدٍ عُرْفُهُمْ فِي لَفْظِ الدَّابَّةِ الْحِمَارُ اخْتَصَّتْ يَمِينُهُ بِهِ، وَلَا يَحْنَثُ بِرُكُوبِ الْفَرَسِ وَلَا الْجَمَلِ، وَإِنْ كَانَ عُرْفُهُمْ فِي لَفْظِ الدَّابَّةِ الْفَرَسُ خَاصَّةً حُمِلَتْ يَمِينُهُ عَلَيْهَا دُونَ الْحِمَارِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْحَالِفُ مِمَّا عَادَتُهُ رُكُوبُ نَوْعٍ خَاصٍّ مِنْ الدَّوَابِّ كَالْأُمَرَاءِ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ، حُمِلَتْ يَمِينُهُ عَلَى مَا اعْتَادَهُ مِنْ رُكُوبِ الدَّوَابِّ، فَيُفْتَى فِي كُلِّ بَلَدٍ بِحَسَبِ عُرْفِ أَهْلِهِ، وَيُفْتَى كُلُّ أَحَدٍ بِحَسَبِ عَادَتِهِ. وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا أَكَلْتُ رَأْسًا فِي بَلَدٍ عَادَةُ أَهْلِهِ أَكْلُ رُءُوسِ الضَّأْنِ خَاصَّةً، لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ رُءُوسِ الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ وَنَحْوِهَا، وَإِنْ كَانَ عَادَتُهُمْ أَكْلُ السَّمَكِ حَنِثَ بِأَكْلِ رُءُوسِهَا، وَكَذَلِكَ وَإِذَا حَلَفَ لَا اشْتَرَيْتُ كَذَا وَلَا بِعْتُهُ وَلَا حَرَثْتُ هَذِهِ الْأَرْضَ وَلَا زَرَعْتُهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَعَادَتُهُ أَنْ لَا يُبَاشِرَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ كَالْمُلُوكِ- حَنِثَ قَطْعًا بِالْإِذْنِ وَالتَّوْكِيلِ فِيهِ، فَإِنَّهُ نَفْسُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَادَتُهُ مُبَاشَرَةُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ كَآحَادِ النَّاسِ، فَإِنْ قَصَدَ مَنْعَ (نَفْسِهِ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ، لَمْ يَحْنَثْ بِالتَّوْكِيلِ، وَإِنْ قَصَدَ عَدَمَ الْفِعْلِ وَالْمَنْعَ مِنْهُ) جُمْلَةً- حَنِثَ بِالتَّوْكِيلِ، وَإِنْ أَطْلَقَ اُعْتُبِرَ سَبَبُ الْيَمِينِ وَمَا هَيَّجَهَا انْتَهَى. (فَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ عَيْشًا وَهُوَ لُغَةً الْحَيَاةُ حَنِثَ بِأَكْلِ خُبْزٍ)؛ لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ فِيهِ، (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَطَأُ امْرَأَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ، حَنِثَ بِجِمَاعِهَا)، أَيْ: الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا، لِانْصِرَافِ اللَّفْظِ إلَيْهِ عُرْفًا، وَلِذَلِكَ لَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ كَانَ مُولِيًا، (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَتَسَرَّى حَنِثَ بِوَطْءِ أَمَتِهِ) سَوَاءٌ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ؛ لِأَنَّ التَّسَرِّي مَأْخُوذٌ مِنْ السِّرِّ قَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} وَقَالَ الشَّاعِرُ: أَلَا زَعَمَتْ بَسْبَاسَةُ الْقَوْمِ أَنَّنِي كَبِرْتُ وَأَنْ لَا يُحْسِنَ السِّرَّ أَمْثَالِي (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَطَأُ دَارًا أَوْ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارٍ حَنِثَ بِدُخُولِهَا رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَحَافِيًا وَمُنْتَعِلًا) كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ أَنَّ الْقَصْدَ امْتِنَاعُهُ مِنْ دُخُولِهَا، وَ(لَا) يَحْنَثُ (بِدُخُولِ مَقْبَرَةٍ)؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى دَارًا عُرْفًا (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا حَنِثَ بِرُكُوبِ سَفِينَةٍ)؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى رُكُوبًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا} {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ} (وَ) حَنِثَ بِـ (دُخُولِ مَسْجِدٍ)؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} (وَ) حَنِثَ بِدُخُولِ (حَمَّامٍ) لِحَدِيثِ: «بِئْسَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (وَ) حَنِثَ بِدُخُولِ (بَيْتِ شَعْرٍ وَبَيْتِ أُدُمٍ وَخَيْمَةٍ)؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا} الْآيَةَ، وَالْخَيْمَةُ فِي مَعْنَى بَيْتِ الشَّعْرِ، وَ(لَا) يَحْنَثُ بِدُخُولِ (صِفَةِ دَارٍ وَدِهْلِيزِهَا)؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى بَيْتًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ الْبَيْتُوتَةِ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَضْرِبُ فُلَانَةَ فَخَنَقَهَا أَوْ نَتَفَ شَعْرَهَا أَوْ عَضَّهَا لَا تَلَذُّذًا حَنِثَ) لِوُجُودِ الْمَقْصُودِ بِالضَّرْبِ وَهُوَ التَّأَلُّمُ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهَا فَفَعَلَ ذَلِكَ بَرَّ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَشُمُّ الرَّيْحَانَ فَشَمَّ وَرْدًا أَوْ بَنَفْسَجًا أَوْ يَاسَمِينًا) وَلَوْ يَابِسًا حَنِثَ، وَكَذَا لَوْ شَمَّ زَنْبَقًا أَوْ نِسْرِينًا أَوْ نَرْجِسًا وَنَحْوَهُ مِنْ كُلِّ زَهْرٍ طَيِّبِ الرَّائِحَةِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَشُمُّ طِيبًا فَشَمَّ نَبْتًا رِيحُهُ طَيِّبٌ) كَالْخُزَامَى حَنِثَ لِطِيبِ رَائِحَتِهِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَذُوقُ شَيْئًا فَازْدَرَدَهُ- وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْ مَذَاقَهُ حَنِثَ)؛ لِأَنَّ الذَّوْقَ عُرْفًا الْأَكْلُ، يُقَالُ مَا ذُقْتُ لِزَيْدٍ طَعَامًا أَيْ: مَا أَكَلْتُ. تَتِمَّةٌ: قَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِي الْمُغْنِي فِي أَلْ الْجِنْسِيَّةِ وَاَللَّهِ لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَلَا أَلْبَسُ الثِّيَابَ يَقَعُ الْحِنْثُ فِي الْوَاحِدَةِ مِنْهَا.
|